اين نحن من التنمية المستدامة؟؟

اين نحن من التنمية المستدامة؟؟

 اعداد: م. رغد الرجبي
تدقيق: د. عبدالغني حمدان



تسعى جميع الدول إلى تحقيق التقدم الاقتصادي وبالتالي الرفاه الاجتماعي في شتى المجالات مما يعزز مكانتها بين الدول الأخرى ،و بالطبع في سبيل تحقيقها لذلك برز مفهوم التنمية المستدامة من أجل المحافظة على مواردها من الإستنزاف، و سنتناول في هذه الورقة مفهوم التنمية المستدامة، و أهدافها .
أولاً: ما المقصود بالتنمية المستدامة؟؟
 يقصد بالتنمية المستدامة عملية التطوير والتقدم في شتى المجالات والقطاعات لاي دولة في العالم فهذا المفهوم يشمل القطاع العام، والقطاع الاهلي و الخاص وتشمل قطاع التعليم، و الزراعة، والصناعة والتجارة، والسياحة والصحة و غير ذلك من القطاعات، و تسعى التنمية المستدامة إلى تحقيق ذلك دون المساس بحق الاستفادة من الموارد الطبيعية للأجيال القادمة بل تضمن لهم الحق في اشباعهم حاجاتهم ورغباتهم مستقبلاً من هذه الموارد كغيرهم، و تعمل التنمية المستدامة على دراسة الماضي، و ذلك من أجل الإستفادة من تجارب السابقين في شتى المجالات، و كذلك حتى تتجنب الوقوع في الأخطاء مرة أخرى بجانب ذلك تستغل التنمية المستدامة الموارد المتاحة أحسن استغلال وبشكلها الامثل الذي يحميها من الإستنزاف .
ما هي مجالات التنمية المستدامة؟؟
 يتم إجراء التنمية المستدامة بشكل أساسي في ثلاثة مجالات أساسية، و هم الأول  النمو الإقتصادي، و الثاني حفظ الموارد، و الثالث التنمية الاجتماعية، و يعتبر المطلب الرئيسي للتنمية المستدامة هو الإرتقاء بظروف المعيشة في المجتمع مع المحافظة على موارده المتوافرة لديه، و تحارب التنمية المستدامة الفقر، و الجوع في المقام الأول، و لذلك تدعو إلى تبني انماط استهلاك بصورة متوازنة دون الضغط على الموارد الطبيعية الموجودة في البلاد فهي ترى أنه من الخطأ استنزاف الموارد، و تسعى لإحتفاظ بحق الأجيال القادمة فيها .
ما هي أهداف التنمية المستدامة؟؟
 من أبرز أهداف التنمية المستدامة أنها  تسعى للنهوض بمستوى كافة القطاعات والمجالات  خاصة التي لا يقدر أبناء الدولة الإستغناء عنها، و تدعو لمحاربة الفقر، و الجوع، و تحسين المعيشية، و كل هذا دون أن تحرم الأجيال القادمة من اشباع رغباتهم، و من أبرز و أهم هذه الأهداف ما يلي :
Ø      المحافظة على المياة: تشتمل على ثلاثة جوانب أساسية الأول الإستدامة الإقتصادية وهذا يتطلب المحافظة على المياة ،و ضمان الحصول على قدر كاف منها لتلبية احتياجات الزراعة ،و الصناعة. والجانب الآخر تسعى الإستدامة الإجتماعية إلى المحافظة على حقوق المواطنين في التمتع باستخدام المياة. والجانب الثالث هو الاستدامة البيئية و يهدف إلى المحافظة على موارد المياة .
Ø       السعي نحو توفير الغذاء: تسعى الإستدامة الإقتصادية إلى تعزيز القدرة الإنتاجية، و الإستدامة الإجتماعية تسعى لتوفير الغذاء لأهل البلاد أما الإستدامة البيئية فتحاول المحافظة على الموارد الغذائية .
Ø        توفير الرعاية الصحية:  تحاول الإستدامة الإقتصادية تحسين الرعاية ،و الحماية الصحية ،وذلك في الأماكن الخاصة بالعمل بينما تحاول الإستدامة الإجتماعية الحفاظ على صحة المواطنين ،و خاصة الفقراء ،و الإستجامة البيئية فهي تسعى الى حماية الموارد البيولوجية ،و كافة الأنظمة التي تسعى لدعم ذلك .
Ø       العمل على زيادة الدخل: تحاول التنمية الإقتصادية إلى تحسين الحالة الإقتصادية للبلاد ،و هذا يتحقق بتوفير فرص العمل ،و تحسين الحالة الإقتصادية ،و تحاول الإستدامة الإجتماعية   أن تدعم كافة المشروعات الصغيرة حتى تساند الفقراء ،و الإستدامة البيئية فهي تحاول عدم اهدار الموارد الطبيعية ،و الحفاظ عليها .

أخيراً من أجل تحقيق التنمية  المستدامة يجب توعية أبناء المجتمعات بمفهومها ،و أهدافها ،و ذلك حتى يتعاونوا مع القيادات ،و المتخصصين على تحقيقها .
يمكن تلخيص أهداف، وأبعاد التنمية المستدامة, والتي يمكن إجمالها على النحو التالي:

·         البُعد البيئي: تهدف التنمية المستدامة إلى تحقيق العديد من الأهداف البيئية، وتتمثل فيما يلي:
الاستخدام الرشيد للموارد الناضبة، بمعنى حفظ الأصول الطبيعية بحيث نترك للأجيال القادمة بيئة مماثلة حيث أنّه لا توجد بدائل لتلك الموارد الناضبة. مراعاة القدرة المحدودة للبيئة على استيعاب النفايات. ضرورة التحديد الدقيق للكمية التي ينبغي استخدامها من كل مورد من الموارد الناضبة، ويعتمد ذلك على تحديد قيمتها الاقتصادية الحقيقية، وتحديد سعر مناسب لها بناءً على تلك القيمة. الهدف الأمثل للتنمية المستدامة هو التوفيق بين التنمية الاقتصادية والمحافظة على البيئة مع مراعاة حقوق الأجيال القادمة في الموارد الطبيعية خاصة الناضبة منها.

·          البُعد الاقتصادي: تهدف التنمية المستدامة بالنسبة للبلدان الغنية إلى إجراء تخفيضات متواصلة في مستويات استهلاك الطاقة والموارد الطبيعية والتي تصل إلى أضعاف أضعافها في الدول الغنية مقارنة بالدول الفقيرة، من ذلك مثلاً يصل استهلاك الطاقة الناجمة عن النفط والغاز والفحم في الولايات المتحدة إلى مستوى أعلى منه في الهند بـ 33 مرة.
·          البُعد الاجتماعي: إنّ عملية التنمية المستدامة تتضمن تنمية بشرية تهدف إلى تحسين مستوى الرعاية الصحية والتعليم، فضلاً عن عنصر المشاركة حيثُ تؤكّد تعريفات التنمية المستدامة على أنّ التنمية ينبغي أن تكون بالمشاركة بحيث يشارك الناس في صنع القرارات التنموية التي تؤثر في حياتهم، حيث يشكل الإنسان محور التعريفات المقدمة حول التنمية المستدامة، والعنصر الهام الذي تشير إليه تعريفات التنمية المستدامة أيضاً هو عنصر العدالة أو الإنصاف والمساواة، وهناك نوعان من الإنصاف هما إنصاف الأجيال المقبلة والتي يجب أخذ مصالحها في الاعتبار وفقاً لتعريفات التنمية المستدامة، والنوع الثاني هو إنصاف من يعيشون اليوم من البشر ولا يجدون فرصا متساوية مع غيرهم في الحصول على الموارد الطبيعية والخدمات الاجتماعية، والتنمية المستدامة تهدف إلى القضاء على ذلك التفاوت الصارخ بين الشمال والجنوب.
كما تهدف التنمية المستدامة أيضاً في بعدها الاجتماعي إلى تقديم القروض للقطاعات الاقتصادية غير الرسمية، وتحسين فرص التعليم، والرعاية الصحية بالنسبة للمرأة.
·          البُعد التكنولوجي: تستهدفُ التنمية المستدامة تحقيق تحولاً سريعاً في القاعدة التكنولوجية للمجتمعات الصناعية، إلى تكنولوجيا جديدة أنظف وأكفأ وأقدر على الحد من تلوث البيئة، كذلك تهدف إلى تحولا تكنولوجيا في البلدان النامية الآخذة في التصنيع، لتفادي تكرار أخطاء التنمية، وتفادي التلوث البيئي الذي تسببت فيه الدول الصناعية، ويشكل التحسن التكنولوجي الذي تستهدفه التنمية المستدامة، وسيلة هامة للتوفيق بين أهداف التنمية والقيود التي تفرضها البيئة، بحيث لا تتحقق التنمية على حساب البيئة.

مكونات وأنماط الاستدامة:

توجد عدة أنماط للاستدامة تمثل مكونات التنمية المستدامة، ويمكن إجمالها على النحو التالي:

ü     الاستدامة المؤسسية: تُعني الاستدامة المؤسسية بالمؤسسات الحكومية وإلى أي مدى تتصف تلك المؤسسات بالهياكل التنظيمية القادرة على أداء دورها في خدمة مجتمعاتها وحتى يمكن أن تؤدي دورها في تحقيق التنمية المستدامة، بجانب دور المنظمات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني وإلى أي مدى يكون لتلك المؤسسات دور في تنمية مجتمعاتها، وما مدى مشاركة القطاع الخاص متمثلاً في الشركات العاملة في المجالات المختلفة في خدمة المجتمع وخدمة أهداف التنمية بتلك المجتمعات.

ü       الاستدامة الاقتصادية: توصف التنمية بالاستدامة الاقتصادية عندما تتضمن السياسات التي تكفل استمرار الأنشطة الاقتصادية بالمجتمع وأداء الدور المنتظر منها، وتكون في نفس الوقت سليمة من الناحية الإيكولوجية فالتنمية الزراعية والريفية على سبيل المثال تتسم بالاستدامة عندما تكون سليمة من الناحية الإيكولوجية وقابلة للتطبيق من الناحية الاقتصادية وعادلة من الناحية الاجتماعية وتعالج التنمية الزراعية والريفية المستدامة بحكم تعريفها قطاعات متعددة لا تشمل الزراعة فقط بل المياه والطاقة والصحة والتنوع البيولوجي.
ü       الاستدامة البيئية: يُقصد بالاستدامة البيئية بأنها قدرة البيئة على مواصلة العمل بصورة سليمة، لذلك يتمثل هدف الاستدامة البيئية في التقليل إلى أدنى حد من التدهور البيئي، وتتطلب الاستدامة تغذيته بشكل طبيعي، بمعنى أن الطبيعة قادرة على تجديد التوازن البيئي، ويمكن أن يتحقق ذلك بدمج الاعتبارات البيئية عند التخطيط للتنمية حتى لا يتم إلحاق الأضرار برأس المال الطبيعي وذلك كحد أدنى.
ü       البشرية المستدامة: بدأ الاهتمام واضحاً الآن بمدى ارتباط التنمية البشرية بمفهوم التنمية المستدامة، حيث تبرز هذه العلاقة من خلال الحاجة الماسة لإيجاد توازن بين السكان من جهة وبين الموارد المتاحة من جهة أخرى، وبالتالي فهي علاقة بين الحاضر والمستقبل بهدف ضمان حياة ومستوى معيشة أفضل للأجيال القادمة والذي يحتاج إلى ربط قضايا البيئة بالتنمية بشكل محدد ومستمر، حيثُ أنّه لا وجود لتنمية مستدامة بدون التنمية البشرية.




ليست هناك تعليقات: