تاثير المناخ على الزراعة

تاثير المناخ على الزراعة
د. عبدالغني حمدان


لا شك بان علاقة الزراعة بالمناخ علاقة متجذرة وتاريخية ولا يمكن التفكير على الاطلاق بالانتاج الزراعي بمعزل عن عوامل الطقس والمناخ.

هذه العلاقة علاقة جديرة بالاهتمام على الرغم من التقدم العلمي والثورة الخضراء التي قادتنا الى التحكم ببعض المناخات الصغيرة ولكن تحكمنا بهذه المناخات الصغيرة تحكم نسبي وليس مطلق. من هنا جاءت اهمية دراسة المناخ وتاثيره على اجمالي الانتاج الزراعي العالمي، فاذا اردنا ان ننتج محصول وفير ونعيش بامان غذائيا فعلينا اولا ان نفهم المناخ جيدا.

وعليه فان الحياة النباتية الزراعية ترتبط ارتباطاً وثيقاً لا غنى عنه بعناصر الطقس والمناخ من حيث النمو والانتاج والنضوج، بل فان توزيع المحاصيل الزراعية جغرافيا في العالم هو وفق الخصائص الطقسية والمناخية وليس العكس.

من هنا فان تاثير عناصر الطقس والمناخ من إشعاع شمسي، حرارة، رياح، رطوبة، وامطار، على نمو المحاصيل الزراعية بدأ من مرحلة الإنبات والنمو مروراً بالنمو الخضري والنضج وحتى الإنتاج والتسويق ، فضلا عن اختلاف مواسم زراعتها، فعلى الرغم من التقدم العلمي الذي أحرزه الإنسان من تطور  فيما يتعلق بجوانب العمليات الزراعية، وتوفير ظروف طقسية ومناخية اصطناعية للنمو والإنتاج، إلا أن ذلك لم يستطع من التحكم بمجمل تلك الظروف حيث بقيت ولازالت تلك الظروف هي المتحكم الرئيسي في المناطق التي تتطلب توسعا في المساحات المزروعة والإنتاج تلبية للزيادة المضطردة في السكان، وما يرافقه من احتياجات للمحاصيل الزراعية بشكل عام والغذائية بشكل خاص.

ويظهر التأثير للخصائص الطقسية والمناخية في نجاح أو فشل أو عدم زراعة عدد من المحاصيل الزراعية في مناطق واسعة في العالم، فلا تزال الخصائص المناخية الحارة والرطبة هي المتحكمة في عدم نجاح زراعة المحاصيل الاستراتيجية وفي مقدمتها القمح، أذ أن ارتفاع الحرارة واقترانها بالرطوبة والامطار الغزيرة عوامل محددة في زراعتها، في حين عجز الانسان بالرغم مما حققه من تقدم علمي في نقل وزراعة المحاصيل المدارية (كالكاو والمطاط او الرز) إلى المناطق ذوات الخصائص الطقسية والمناخية الباردة أوالمعتدلة.

 كما أن زراعة عدد من المحاصيل الزراعية في غير مواسمها بقي مقتصراً على مساحة محدودة مع تدني الانتاج ونوعيته فضلا عن ما يرافق ذلك من ارتفاع اسعارها لما تتطلبه العمليات الزراعية الصناعية، لذلك فأن الزراعة بعملياتها المختلفة ونوع المحاصيل ونضجها وانتاجها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بطبيعة الخصائص الطقسية والمناخية، وبشكل خاص في المناطق الزراعية التي تعتمد محاصيلها  الزراعية على احتياجات ومتطلبات محددة من الحرارة او الري، اذ يؤدي النقص او التذبذب في قيم الامطار الساقطة إلى تعرض المساحات المزروعة إلى التناقص مساحةً وإنتاجاً، كما يحدث ذلك في أكثر المناطق الجافة وشبه الجافة في كل من قارة  استراليا، الهند، شمال افريقيا، مناطق الشرق الاوسط، في حين يحدث العكس في أن تأثير المناخ في المناطق التي تتعرض لظواهر طقسية ومناخية قاسية والتي تعرض سكانها إلى المجاعات من خلال حدوث الفيضانات المدمرة والاعاصير والذي يتزامن مع زراعة المحاصيل في ضمن تلك المناطق.

 ووفق ذلك فأن التغيرات الطقسية والمناخية لازالت وستبقى عوامل اساسية يصعب فيها التنبؤ او التحكم بها، وبالتالي صعوبة وضع الخطط الاقتصادية الزراعية حيث لازال الانسان عاجزا في وضع الحلول الآنية والمستقبلية لما تشهده الكرة الارضية من تغيرات طقسية ومناخية.


وبالرغم مما قام به الانسان من تعديل للظروف المناخية محلياً او في استنباط سلالات واصناف وانواع لعدد من المحاصيل الزراعية تتحمل الظروف المناخية الصعبة، إلا أن تلك الجهود لا زالت محدودة بحكم صعوبة التحكم بها وأن تأثيراتها لا ترتبط في ضمن المكان أو المنطقة التي تزرع فيها تلك المحاصيل لتداخل العوامل المحددة للخصائص الطقسية والمناخية والتي تقع خارج حدودها.

ليست هناك تعليقات: