ازمة الأمن الغذائي في
الوطن العربي الى متى؟
اعداد: الدكتور
عبدالغني حمدان
فسيولوجيا النبات
لا شك بان قضية الامن
الغذائي قضية جوهرية تشغل بال كل دول العالم بل إنها تأخذ أهمية قصوى في ظل الظروف
السياسية والمتغيرات المعقدة وعدم الاستقرار الاقليمي والدولي.
وفيما
يتعلق بالامن الغذائي في الوطن العربي ايضا لوحظ ان هناك اهتمام وخصوصا في السنوات
القليلة الماضية وذلك لاسباب عديدة، ويعزى ذلك الى فشل جهود التنمية الزراعية
وتوفير الغذاء في الوطن العربي ادت الى زيادة الاهتمام بهذا الموضوع وفرضت تقييم
ومراجعة هذه الجهود. هذا بالاضافة الى تزايد سكان العالم المطرد وهذا يتطلب تنمية
زراعية متطورة ومدروسة. واعتقد باننا كوطن عربي بعيدين لغاية الان عن معالجة
الازمة الغذائية التي نعاني منها منذ السبعينات ولغاية يومنا هذا. وقبل الخوض لفهم
أبعاد هذه المسألة لا بد من التطرق لبعض المفاهيم حتى ندرك اهمية الموضوع.
مفهوم
الأمن الغذائي:
يعني الأمن
الغذائي المطلق يعني إنتاج الغذاء داخل الدولة الواحدة بما يعادل أو يفوق الطلب
المحلي. أما الأمن الغذائي النسبي فيعني قدرة دولة ما أو مجموعة من الدول على
توفير السلع والمواد الغذائية كليا أو جزئيا.
والتمتع
بالأمن الغذائي يعني الحصول في جميع الأوقات على الأغذية التي نحتاجها لممارسة
حياة ملؤها النشاط والصحة.
وعلى مستوى أبسط يعرف الأمن الغذائي بأنه حصول جميع الناس في جميع الأوقات على ما يكفيهم من غذاء ملائم من الناحية التغذوية ، وملائم من ناحية (الجودة والكمية والتنوع) لممارسة حياة ملؤها النشاط والصحة.
وعلى مستوى أبسط يعرف الأمن الغذائي بأنه حصول جميع الناس في جميع الأوقات على ما يكفيهم من غذاء ملائم من الناحية التغذوية ، وملائم من ناحية (الجودة والكمية والتنوع) لممارسة حياة ملؤها النشاط والصحة.
يمكن
التمييز بين مستويين للأمن الغذائي: مطلق ونسبي.
الأمن الغذائي المطلق:
يعني إنتاج الغذاء داخل الدولة الواحدة بما
يعادل أو يفوق الطلب المحلي، وهذا المستوى مرادف للاكتفاء الذاتي الكامل ويعرف
أيضا بالأمن الغذائي الذاتي. ومن الواضح أن مثل هذا التحديد المطلق الواسع للأمن
الغذائي توجه له انتقادات كثيرة إضافة إلى أنه غير واقعي، كما أنه يفوت على الدولة
أو القطر المعني إمكانية الاستفادة من التجارة الدولية القائمة على التخصص وتقسيم
العمل واستغلال المزايا النسبية.
الأمن
الغذائي النسبي:
فيعني قدرة دولة ما أو مجموعة من الدول على
توفير السلع والمواد الغذائية كليا أو جزئيا. ويعرّف أيضا بأنه قدرة دولة ما أو
مجموعة أقطار على توفير احتياجات مجتمعهم أو مجتمعاتهم من السلع الغذائية الأساسية
كليا أو جزئيا وضمان الحد الأدنى من تلك الاحتياجات بانتظام.
وبناء على
هذا التعريف السابق فإن مفهوم الأمن الغذائي النسبي لا يعني بالضرورة إنتاج كل
الاحتياجات الغذائية الأساسية, بل يقصد به أساسا توفير المواد اللازمة لتوفير هذه
الاحتياجات من خلال منتجات أخرى تتمتع فيها الدولة المعنية أو الدول بميزة نسبية
على الدول الأخرى. وبالتالي فإن المفهوم النسبي للأمن الغذائي يعني تأمين الغذاء
بالتعاون مع الآخرين.
وتجدر
الإشارة إلى أنه لضمان الأمن الغذائي ينبغي أن تتوفر ثلاث شروط اساسية:
1.
وفرة السلع الغذائيةوعدالة توزيعها.
2.
وجود السلع الغذائية في السوق بشكل دائم.
3.
أن تكون أسعار السلع في متناول المواطنين.
التغيرات المناخية وعلاقتها بالأمن الغذائي:
ومن ناحية أخرى فقد ثبت أن التغيرات المناخية قد تؤثر سلباً على
الأمن الغذائي للفقراء والمصابين بسوء التغذية والمعتمدين على الإنتاج المحلي
للأغذية.
فقد أفادت التقارير الواردة من المنظمة الدولية للأغذية والزراعة (الفاو) بأن للتغيرات المناخية دور في قضية الامن الغذائي العالمي، حيث ثبت أن التغيرات في أنماط تساقط الأمطار قد تؤثر على المحاصيل، وخصوصاً محصول الأرز مثلاً، في العديد من البلدان في العالم، وخاصة الدول النامية التي تعاني من عوامل انتشار الفقر وسرعة النمو السكاني والنقص الحاد في المياه، وبالتالي فإن تزايد مستوى انعدام الأمن الغذائي يمكن أن يؤدي إلى نزاعات حول الموارد، سواء كانت زراعية أو غذائية، بالإضافة إلى حدوث العديد من الاضطرابات الاجتماعية.
ووفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، يموت أكثر من 25.000 شخص بسبب الجوع أو الأمراض المرتبطة به يومياً في جميع أنحاء العالم، منهم طفل واحد كل خمس ثوان.
الغذاء الامن صحيا:
عرف العالم ابتداء منذ منتصف الثمانينات أمنا غذائيا نسبيا بسبب الاعتماد على استخدام الكيماويات في الزراعة الحديثة. إلا أن تزايد الإنتاجية الزراعية بهذه الطريقة جلب مخاوف كثيرة للمستهلكين، وبدأ الحديث عن طريقة جديدة لزيادة الإنتاجية أكثر أمانا لصحة الإنسان كالزراعة البديلة أو الزراعة العضوية.
فقد أفادت التقارير الواردة من المنظمة الدولية للأغذية والزراعة (الفاو) بأن للتغيرات المناخية دور في قضية الامن الغذائي العالمي، حيث ثبت أن التغيرات في أنماط تساقط الأمطار قد تؤثر على المحاصيل، وخصوصاً محصول الأرز مثلاً، في العديد من البلدان في العالم، وخاصة الدول النامية التي تعاني من عوامل انتشار الفقر وسرعة النمو السكاني والنقص الحاد في المياه، وبالتالي فإن تزايد مستوى انعدام الأمن الغذائي يمكن أن يؤدي إلى نزاعات حول الموارد، سواء كانت زراعية أو غذائية، بالإضافة إلى حدوث العديد من الاضطرابات الاجتماعية.
ووفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، يموت أكثر من 25.000 شخص بسبب الجوع أو الأمراض المرتبطة به يومياً في جميع أنحاء العالم، منهم طفل واحد كل خمس ثوان.
الغذاء الامن صحيا:
عرف العالم ابتداء منذ منتصف الثمانينات أمنا غذائيا نسبيا بسبب الاعتماد على استخدام الكيماويات في الزراعة الحديثة. إلا أن تزايد الإنتاجية الزراعية بهذه الطريقة جلب مخاوف كثيرة للمستهلكين، وبدأ الحديث عن طريقة جديدة لزيادة الإنتاجية أكثر أمانا لصحة الإنسان كالزراعة البديلة أو الزراعة العضوية.
إن مفهوم
منظمة الصحة العالمية للأمان الغذائي يعني كل الظروف والمعايير الضرورية اللازمة
-خلال عمليات إنتاج وتصنيع وتخزين وتوزيع وإعداد الغذاء- لضمان أن يكون الغذاء
آمنا وموثوقا به وصحيا وملائما للاستهلاك الآدمي. فأمان الغذاء متعلق بكل المراحل
من مرحلة الإنتاج الزراعي وحتى لحظة الاستهلاك من طرف المستهلك الأخير.
وركز سابقا
تسويق السلع
الغذائية في المرحلة الأولى على توفير السلع الغذائية، أي أن الاهتمام كان منصبا
على الكم لأن الطلب يفوق العرض. ثم بدأت بعد ذلك مرحلة الاهتمام بالجودة والنوعية أو الموازنة
بين الكم والكيف في السلع الغذائية. وحاليا في المرحلة الأخيرة بدأ التركيز على
الأبعاد الصحية للسلع الغذائية أو ما يعرف بأمان الغذاء، وزاد هذا الاهتمام أكثر
بعد ظهور مرض جنون البقر والحمى القلاعية وما أحدثاه من تخوف عالمي.
الأسباب
الرئيسية لافتقاد الأمن الغذائي:
من أبرز الأسباب الرئيسية لافتقاد الامن الغذائي وتفشي الجوع وسوء التغذية ما يلي:
Ø الكثافة السكانية المطردة
Ø الفقر والظلم الاجتماعي ونقص التعليم
Ø ضعف الانظمة الادارية
Ø ندرة او محدودية الموارد المحلية او
سوء توزيعها او عدم استغلالها بالشكل الامثل وخصوصا المياه حيث يعتبر الوطن العربي
من اقل مناطق العالم وفرة للمياه حيث تبلغ 1% من اجمالي المياه في العالم.
Ø ضعف الاهتمام بالقطاع الزراعي بما
يكفي واعتباره رافعة لاغلب الصناعات الوطنية.
Ø ضعف استغلال الكفاءات الفنية المتاحة
بالشكل المناسب.
Ø هجرة الايدي العاملة من المناطق
الريفية الى المدن الكبرى سعيا وراء فرص العمل
Ø كل هذه الاسباب وغيرها ادت
الى تدهور الانتاج والانتاجية وقادت الى ما يسمى الان بازمة الامن الغذائي.
Ø انخفاض نسبة الاراضي القابلة للزراعة
من اجمالي الاراضي الزراعية حيث تشكل ما قيمته 15%.
Ø تدني نسبة الاراضي المزروعة من اجمالي
الاراضي القابلة للزراعة حيث بلغت فقط 35%.
Ø النمط السائد هو الزراعة البعلية وهذا
يتاثر بتذبذب الامطار
Ø ضعف الارشاد الزراعي وتقنيات ترشيد
المياه بشكل فعال.
Ø التصحر والتغير المناخي ايضا القى
بظلاله سلبا على الامن الغذائي.
Ø طموح البلدان العربية لتحقيق التنمية
من خلال الصناعة وهذا خطا في فادح وجسيم.
كل هذه
الاسباب منفردة او مجتمعة ادت الى تعميق الفجوة الغذائية وتعميق ازمة الامن
الغذائي في الوطن العربي. للاسف الشديد هناك اجماع من معظم الخبراء على ان ازمة
الغذاء موجودة الى حد الاعتماد على الاستيراد والدول الاجنبية لتغطية العجز وايضا
هناك تراجع في نصيب الفرد من الناتج الزراعي وتراجع مساهمة القطاع الزراعي من
اجمالي الناتج المحلي.
مفهوم
الاكتفاء الذاتي:
الاكتفاء الذاتي (الغذائي) يعني قدرة دولة
ما او مجتمع ما على الاعتماد الكامل على الذات وعلى الموارد والإمكانات المحلية الذاتية
في إنتاج كل احتياجات تلك الدولة او تلك المجتمع من الغذاء محليا. إلا أن هذا
المفهوم أثيرت حوله مجموعة من التحفظات أهمها:
Ø الطابع الأيديولوجي لهذا المفهوم: فمفهوم
الاكتفاء الغذائي الكامل يعتبر مفهوما عاما وغير واضح إذا لم يوضع في إطار جغرافي
وتاريخي محدد، كما أنه في بعض الأحيان يحمل صبغة أيديولوجية.
Ø نسبية
مفهوم الاكتفاء الذاتي الغذائي: هل هو عند الحد الأدنى في توفير الاحتياجات
الغذائية أو الحد المتوسط أو الحد الأعلى؟ فلابد من ربط هذا بالمستوى الاقتصادي
والمعيشي للمجتمعات أو المجتمع موضع الدراسة.
Ø إمكانية
تحقيق هذا الهدف عمليا: الاكتفاء الذاتي الغذائي الكامل قد يكون هدفا قوميا نبيلا،
إلا أن تحقيقه مرتبط بالدرجة الأولى بالموارد المتاحة وقدرتها على الوفاء بالاحتياجات.
وقد تقرر أحدى الدول المضي في تحقيق هذا الهدف، إلا أن ذلك يكلفه تضحيات اقتصادية
واجتماعية باهظة إذا ما قورنت بحلول أكثر وسطية.
Ø مدى العقلانية
الاقتصادية لهذا المفهوم: إذ ان الموارد الزراعية محدودة وقطاع الزراعة هش لأنه
يرتبط بصورة مباشرة بالتغيرات المناخية مما يجعل التعويل عليه بصورة مطلقة قرارا
اقتصاديا غير رشيد. كما أنه في ظل العولمة الاقتصادية وما رافقها من تحرير التبادل
التجاري في إطار المنظمة العالمية للتجارة، فإن معيار الاختيار الرشيد يميل إلى
اعتبار التكلفة الأفضل بغض النظر أو دون تمييز بين إنتاج محلي أو إنتاج خارجي.
وهناك اعتبار ثالث يتعلق بارتفاع مستويات المعيشة وتعدد متطلبات وأذواق المستهلكين
لدرجة يصعب معها أن تنتج كلها محليا.
على الرغم من
وجاهة هذه التحفظات فإن اعتماد سياسة الاكتفاء الذاتي الكامل أو الجزئي من السلع
الاستهلاكية يعتبر خيارا إستراتيجيا يجب على الدول العربية عدم التنازل عنه مهما
كلف من ثمن. ونجد على المستوى العالمي أمثلة حية في التضحية الاقتصادية في سبيل
تحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض السلع الأساسية.
وعلى
العموم فإن الباحثين الاقتصاديين يعتبرون أنه في ظل التحولات الاقتصادية العالمية
وما رافقها من تحرير التبادل التجاري فإن مفهوم الاكتفاء الغذائي الذاتي الكامل
مفهوم مرفوض لأنه يؤدي إلى إيقاف جميع العلاقات التجارية الخاصة بالمواد الغذائية
مع الدول الأخرى. لذا فإن معظم الدارسين يميلون إلى استخدام مفهوم الأمن الغذائي
بدل الاكتفاء الغذائي الكامل لخلوه من أي صبغة أيديولوجية.
وللوقوف عن كثب على واقع الامن الغذائي في الوطن العربي لا بد من الرجوع
الى التقارير الرسمية التي تصدرها الجهات الرسمية ذات العلاقة ومن ابرزها المنظمة
العربية للتنمية الزراعية تحت اشراف الجامعة العربية.
اشارت نتائج تقرير اوضاع الامن الغذائي العربي لعام 2014 والذي تصدره
المنظمة العربية للتنمية الزراعية تحت اطار الجامعة العربية الى ما يلي (اقتبس من
التقرير):
"اشارت نتائج
التقرير الى تحسن انتاج معظم السلع الغذائية النباتية والحيوانية والسمكية وارتفاع
المتاح للاستهلاك ومعدلات الاكتفاء الذاتي منها في الوطن العربي، بجانب تراجع قيمة
الفجوة الغذائية من نحو( 36.7) مليار دولار عام 2012م الى (34.4) مليار دولار في
عام 2013م ونحو (34.1) مليار دولار في عام 2014م"
وهذا يعني
ان هناك اشارات مضيئة تبعث على الامل وان هناك لاشك اهتمام بالغ من الدول العربية
بموضوع الامن الغذائي وجهود تبذل كونه مسالة استراتيجية، ولكن التعمق في التحليل وللاسف
الشديد يشير الى وجود الفجوة الغذائية بوضوح والجهود المبذولة غير كافية وقد لا نسيطر عليها في المستقبل
القريب، وللخروج من هذا المازق الذي قد يصل الى نقطة اللاعودة (من وجهة نظري) يلزم
ما يلي:
Ø تضافر كافة الجهود العربية بشكل جاد
وتكاملي وخصوصا في القطاع الزراعي.
Ø ارادة سياسية وحكومات مسؤولة وقوى
ناشطة وضاغطة.
Ø احداث تحولات جذرية في السياسات
الزراعية.
Ø استخدام امثل للموارد الطبيعة كافة
وترشيدها.
Ø استخدام تقنيات زراعية حديثة.
Ø عدالة في التوزيع للموارد الغذائية.
المصادر:
1.
تقرير اوضاع الامن الغذائي لعام 2014، المنظمة العربية
للتنمية الزراعية، جامعة الدول العربية.
2.
محمد السيد عبد السلام, الأمن الغذائي للوطن العربي, سلسلة
عالم المعرفة, عدد 230, 1998م.
3.
منصور الراوي, الأمن الغذائي العربي مفهومه وواقعه, شؤون عربية, عدد
75, سبتمبر/ أيلول 1999م.
4.
منتدى الفكر العربي, الأمن الغذائي العربي, عمان، 1986م.
5. تقارير
موقع الأمم المتحدة.
6. تقاريرموقع تغذية العقول .. مكافحة الجوع ( feeding
minds ).
7. تقاريرموقع منظمة الفاو.
8.
تقاريرموقع أيرين/ شبكة الأنباء
الإنسانية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق