مناصر الزراعة العضوية الدكتور عبد الغني حمدان في حوار مع مجلة آفاق

مناصر الزراعة العضوية الدكتور عبد الغني حمدان في حوار مع مجلة آفاق
حاورته: ربى عنبتاوي



في جعبته الكثير من الأفكار لتحسين قطاع الزراعة الفلسطيني، فالزراعة وعلومها شغف لا يستطيع إلا الغوص في عالمه، منذ بدأ يزرع القمح والشعير وغيرها من المحاصيل المنوعة مع والده وأشقائه ، إلى أن اتجه إلى أوزبكستان (شرق أوروبا) لتعلم الهندسة الزراعية والعمل في مركز بحوث هناك، وحتى أصبح أكاديميا وعلم في الجامعات الفلسطينية، وثم شغل منصب مدير فرع الجنوب في مؤسسة الإغاثة الزراعية. الحديث عن الدكتور عبد الغني حمدان من بلدة خاراس في الخليل ورحلة طويلة من الإرشاد الزراعي والدروس والعبر يوضحها لنا في هذا الحوار.
- متى بدأ حبك للزراعة، وأين مارستها؟
حبي للزراعة بدأ منذ الصغر، أتذكر بأن والدي كان يصطحبني معه وأنا لم أتجاوز السادسة من عمري إلى الأرض لمساعدته في زراعة القمح والشعير والعدس والفول في الشتاء، والبندورة والباذنجان والفقوس والخيار البلدي والكوسا في الصيف وغيرها، وكنت أتمتع بهذه الأيام والذكريات لأنها كانت ممتعة، أتذكر أياما جميلة كنا أنا وإخوتي نحصد وندرس ونخزن المحصول مع الوالدين ونوزع للأقارب والجيران، أتذكر بركة أيام زمان حينما كنا نخزن البطيخ والبطاطا والبندورة والبصل والباميا وغيرها في غرف ومخازن عادية طوال الصيف وحتى الشتاء بدون عفن أو تلف، أتذكر أيام "العزبة" حيث كنا نسكن بعيدا عن القرية في الكهوف النائية لتأمين المأكل والمرعى للأغنام، ولا أنسى حين علمتني أمي الغالية طريقة الحليب اليدوية التقليدية، وأنا في سن السابعة، وأمور أخرى رسخت لدي قيم كيف أكون منتجاً صديقاً للبيئة وليس مستهلكاً فقط.
وكانت الزراعة طموحي الأول والأخير، ورغم ان الفرصة كانت متاحة لي لأدرس الطب وغيره من التخصصات الأخرى، ولكني رفضت بعناد وأصريت على رأيي وهذا ما حصل، حيث أثار إصراري المسؤوليين الروس في حينه وقالوا لي: ان جميع الطلبة العرب يريدون دراسة الطب وانت خارج السرب تغرد. فقلت: نعم اغرد خارج السرب ولكن تغريدتي نادرة وتعجبني.
- أين تعلمت الزراعة، وما أهم الدروس المستفادة من خلال دراستك؟
درست الزراعة في مدينة طشقند بجمهورية اوزبكستان في جامعة طشقند الزراعية وهي من أقدم الجامعات الدولية في هذا المجال. حصلت على درجة الماجستير في الوراثة وتحسين النبات في عام 1995م، وحصلت على درجة الدكتوراة في فسيولوجيا النبات في عام 1999م. الدروس المستفادة استوحيتها من قصة فعلية حصلت معي وذلك في السنة الأولى من الجامعة، " في ذات يوم ونحن في رحلة علمية زرنا خلالها إحدى الحدائق النباتية والمسخرة لاهداف البحث العلمي وتحتوي على اصناف وسلالت نباتية جمة ومن بين هذه النباتات وقعت عيني على العنب البري وتساءلت لماذا العنب البري، الا يكفينا المثمر؟ وسالت البريفسور فاجابني بأن اصل العنب المثمر هو العنب البري، بالاضافة الى انه تتم عملية التطعيم للعنب المثمر على اصل بري ليصبح مقاوما للافات والامراض والجفاف. وتابع لا يوجد شيء في الكون يأتي عبثاً أو زيادة.  من هذه الإجابة فهمت وتعلمت الكثير، تعلمت بان الإنسان يجب أن يحافظ على كل شيء بما فيها الأشياء التي لا يفهم غاية وجودها ودورها في الحياة، تعلمت المحافظة على الثروات والمصادر الطبيعية.
- كيف طبقت ما تعلمته في الخارج، على أرض الوطن، وأين عملت؟
في الخارج تم ادخال محصول الباميا وهو محصول لم يكن معروفاً لديهم أو غير مألوف، إلا في الكتب والحمد لله تمت زراعته وتجربته هناك بنجاح، بالاضافة الى مقارنة محصول الباميا والقطن من النواحي المرفولوجية لأنهما ينتميان لنفس العائلة النباتية. كما اجريت ابحاث على هذين النباتين في مجال زراعة الانسجة النباتية.
ولكن في فلسطين، وللأسف الشديد لا يمكن تطبيق كل ما تعلمته على الارض لضعف الامكانات والبنية البحثية المتاحة وضعف امكانات الجامعات المحلية ومراكز الأبحاث، حيث اكاد اجزم بانه لا يوجد مراكز ابحاث قادرة على مواجهة التحديات ووضع الحلول للمشاكل التي يواجهها القطاع الزراعي في فلسطين.
- ما هي انجازاتك على الصعيد الزراعي عموما، وعلى صعيد الزراعة العضوية على وجه التحديد؟
·         المشاركة في تنفيذ والاشراف على عدة مشاريع زراعية في الضفة الغربية.
·         المشاركة في صياغة كل الخطط الاستراتيجية للقطاع الزراعي والبيئي في فلسطين.
·         المساهمة في القراءات الثلاث للقانون الزراعي في فلسطين وتعديلاته وتطويره.
·         المساهمة في تطوير الخطط والبرامج الاكاديمية لكلية الزراعة في جامعة القدس المفتوحة.
·         انجاز عدة بحوث زراعية منشورة محليا ودولياً.
·         المشاركة في عدة مؤتمرات وندوات علمية محليا ودوليا.
ü      أما في مجال الزراعة العضوية، فتمثلت في:
·         تشخيص واقع الزراعة العضوية في فلسطين من خلال دراسة في عام 2014، تبين خلالها بأن فلسطين هي الدولة الثامنة عربياً.
·         عمل اكثر من 50 دورة للمزارعين والمهندسيين الزراعيين حول الزراعة العضوية
·         عمل اكثر من 40 ندوة وورشة عمل حول الزراعة العضوية
·         الاشراف على عدة مشاريع تم تنفيذها في الاغاثة الزراعية واخرها مشروع: العدالة للامن الغذائي في فلسطين وهو يتمحور حول عمل مزارع نموذجية لانتاج الخضار العضوية والقمح العضوي. وبخصوص القمح فهي اول تجارب تنفذ في فلسطين من هذا القبيل.
·         المشاركة في مؤتمر الزراعة العضوية الأول في فلسطين لعام 2014 حيث تم تقديم ورقة بعنوان (واقع الزراعة العضوية في فلسطين: حقائق وأرقام)

- لماذا عزف الكثير من المزارعين عن الزراعة، وكيف يمكن إعادتهم لأرضهم وتطوير قطاع الزراعة؟
عزوف المزارعون عن الزراعة لعدة اسباب اهمها:
·         عدم السيطرة على الاراضي وخصوصا أن اكثر من 60% من الاراضي الزراعية تقع في منطقة جـ.
·         عدم السيطرة على الموارد الطبيعية وتدمير جزء منها من قبل الاحتلال الاسرائيلي.
·         الجفاف والتصحر وشح المياه وارتفاع اسعارها.
·         صعوبة تسويق المنتجات الزراعية وعدم جودتها حسب المواصفات الدولية.
·         ارتفاع اسعار مدخلات الانتاج الزراعي من اسمدة ومبيدات ومعدات وغيرها.
·         عزوف الكثير من الشباب عن العمل الزراعي والهجرة من الريف الى المدن.
·         عدم وعي المزارع بالتقنيات الحديثة الزراعية والاعتماد على الطرق التقليدية.
·         ضعف امكانات المؤسسات العاملة في القطاع الزراعي.
·         تفتت ملكيات الاراضي الزراعية بالميراث.
·         مصادرة الاراضي الزراعية لاهداف استيطانية.
·         اقتلاع الاشجار وتدمير الاراضي من قبل الاحتلال الاسرائيلي.
ويمكن إعادة المزارعين إلى اراضيهم من خلال:
o        تنظيم المزارعين في جمعيات واتحادات
o        تعزيز ودعم البنية التحية الزراعية
o        وضع حلول لمشكلة التسويق للمنتجات الزراعية
o        المساعدة في الارشاد والتدريب بالتقنيات الزراعية الحديثة
o        ممارسة الشراء الجماعي لمدخلات الانتاج للتقليل من التكاليف
o        ممارسة التسويق الجماعي
o        دعم وتطوير تقنيات الحصاد المائي لا غراض زراعية
o        ولاننسى بان أسباب كل هذه المشاكل هو الاحتلال الإسرائيلي، لذلك زوال الاحتلال ضرورة حتمية للارتقاء بالقطاع الزراعي الفلسطيني
- ما هي المحاصيل التي تصلح للزراعة في فلسطين، وهل يمكن أن تحقق لنا الاكتفاء الذاتي ؟
المحاصيل التي تصلح للزراعة في فلسطين كثيرة ولكني ساذكر اهم المحاصيل الاستراتيجية والتي لها علاقة مباشرة بالامن الغذائي والاكتفاء الذاتي في فلسطين ومن هذه المحاصيل: القمح والذرة ومحاصيل الأعلاف والحمضيات والفواكه بأنواعها والخضار.
- ظهرت حديثا تقنيات في الزراعة العضوية مثل الهيدروبونيك والاكوابونيك والزراعة المختلطة وغيرها، هل تطبيقها سهل للمزارع العادي، ام بحاجة إلى تدريب تقني مكثف للإلمام بها، وهل تكلفتها الاقتصادية عالية كما يروج البعض؟
ان تطبيق التقنيات الحديثة ليس سهلا وليس صعبا ولكنه بحاجة الى تدريب جيد، لأن بعض هذه الزراعات حساسة وتكلفة البنية التحتية مرتفع نسبيا ولكن في حال نجاحها تصبح التكلفة معقولة مقارنة بزيادة الإنتاج إلى الضعف أو الضعفين في بعض الحالات على المدى القصير، واذا اخذنا بعين الاعتبار ان البنية التحتية تدفع لمرة واحدة فعلى المدى البعيد لا تعود مكلفة.
-ما الإضافات التي أضفتها للزراعة في فلسطين وخاصة العضوية ؟
المساهمة في نشر وتعزيز:
§          التقنيات الزراعية الحديثة مثل الزراعة بدون تربة وخصوصا المائية منها
§         ثقافة الزراعة العضوية وأساليبها وخصوصا إنتاج القمح العضوي وبعض الخضار
§         ثقافة الفحم الحيوي واستخدامه في خصوبة التربة.
§         ثقافة إنتاج الغاز الحيوي من المخلفات العضوية
§         ثقافة انتاج الكمبوست (الدبال) من المخلفات العضوية
§         الزراعات الاقتصادية مثل النباتات الطبية وغيرها
§         المساهمة في تطوير التقانات الحيوية مثل زراعة الانسجة النباتية
§         الخطط وبرامج كليات الزراعة وخاصةً في جامعة القدس المفتوحة
§         الخطط الزراعية الإستراتيجية الوطنية
§         الخطط البيئية الإستراتيجية الوطنية
§         قانون الزراعة الفلسطيني
-  ماذا تتمنى على الصعيد الزراعي المحلي؟
اتمنى أن تكون فلسطين آمنة غذائيا وقادرة على الوصول الى الاكتفاء الذاتي الغذائي المنشود لانه من اهم القضايا التي تشغل بال كل الدول والحكومات في العالم. ولكي نستطيع الوصول للاكتفاء الذاتي يجب وبالضرورة ان يكون هناك حلول سياسية بالدرجة الأولى.
- هل لديك ارض زراعية وماذا تزرع فيها؟
نعم -والملك لله- املك ما يقارب 15 دونماً من الاراضي وجميعها مزروعة بالزيتون والعنب واللوزيات والنباتات الطبية مثل المريمية والزعتر، وقد صدر بحق هذه الارض اكثر من امر عسكري بوضع اليد عليها في عام 2011 وعام 2013 حيث تعتبر هذه الأرض والاراضي المجاورة جزء من اراضي بلدة خاراس ونوبا وبيت اولا والدير وصوريف قريبة من جدار الفصل العنصري.
-        اذكر لنا نوع من المزروعات تحلم ان يدخل فلسطين، ولماذا؟
احلم بان يكون محصول القطن من المزروعات التي تزرع في فلسطين لأهمية القطن في دعم الاقتصاد الوطني الفلسطيني ويطلق عليه البعض في الدول الاخرى بـ "الذهب الابيض" رغم انه يحتاج الى ري غزير.
-        حلمك على المستوى المهني الزراعي؟
احلم بان اتفرغ  للعمل بشكل كامل في البحث العلمي لانه يعتبر الصناعة الاولى في تقدم جميع الامم حضاريا وتكنولوجيا.




ليست هناك تعليقات: