علم الأرصاد الجوية ومجالاته؟؟

علم الأرصاد الجوية ومجالاته؟؟



إن مجالات علم الأرصاد الجوية واسعة ومتشعبة. ويؤلف كل مجال من مجالاته فرعاً من فروع هذا العلم، ويمكن تمييز خمسة أقسام رئيسة لهذا العلم، هي الآتية:

علم الأرصاد الجوية الطبيعي:

يُعنى علم الأرصاد الجوية الطبيعي physical meteorology بدراسة الجو وتركيبه، وانتقال الإشعاع الكهرمغنطيسي والأمواج الصوتية في الجو، وإظهار العمليات الطبيعية التي تتدخل في تشكل السحب وتطورها، وحدوث التهطال وآليته والظواهر الكهربائية الجوية، وما يتعلق بمسائل أخرى خاصة بفيزياء الجو وكيمياويته.


علم الأرصاد الشمولي:

ويهتم علم الأرصاد الشمولي synoptic meteorology بدراسة الحركات الجوية وتحليلها بمقاييس كبيرة، بغية تحديد سلوك الجو، وللتنبؤ بالتطورات المقبلة في الأحوال الجوية. والتنبؤات الجوية من الاهتمامات الرئيسة لهذا العلم الذي تعود بداية ظهوره إلى منتصف القرن التاسع عشر، وتعزز موقعه منذ أوائل الخمسينيات من القرن العشرين لازدياد كثافة محطات الرصد الشمولية (السينوبتية) ولاستخدام تقنيات متطورة في سبر الجو رأسياً، وفي تبادل المعلومات وتحليلها، وغير ذلك.


علم الأرصاد الدينامي (التحريكي):

يهتم علم الأرصاد الدينامي dynamic meteorology بدراسة العمليات الترمودينامية الأساسية التي تحدد حركات الهواء، والظواهر الناتجة عنها، كما يدرس النماذج العددية لإظهار العمليات الجوية، والتنبؤ العددي عن الطقس الذي تطور منذ أواخر الأربعينات من القرن العشرين، ويشمل هذا العلم الحركات الجوية من مختلف المقاييس، ومن ذلك الأنظمة الصغيرة المقياس والمتوسطه.
ولقد تضاءلت اليوم الفروق بين علمي الأرصاد الشمولي والدينامي، لازدياد استخدام علم الأرصاد الشمولي القوانين الناظمة لحركة الجو واعتماده كثيراً على المنهج التحليلي.


علم الأرصاد الميكروميترولوجي:

يهتم علم الأرصاد المكروي micrometeorology بدراسة الجزء الأسفل من الجو القريب إلى سطح الأرض، من مستوى ذلك السطح حتى ارتفاع بضعة أمتار.


علم الأرصاد التطبيقي:

يهتم علم الأرصاد التطبيقي applied meteorology بدراسة الآثار الناتجة من فعل الظواهر الجوية المتعددة في الجوانب البيئية المختلفة، وتقديم الخدمات الممكنة بغية الحد والتخفيف قدر الإمكان من الآثار السلبية للظواهر الجوية، مما جعل لهذا العلم عدة فروع منها:
ü      الأرصاد الجوية الزراعية
ü      والأرصاد الجوية للملاحة الجوية،
ü      والأرصاد الجوية للملاحة البحرية،
ü      والأرصاد الجوية العسكرية،
ü      والأرصاد الجوية الطبية وغيرها.
ü       

علاقة علم الأرصاد الجوية بالعلوم الأخرى:

يرتبط علم الأرصاد الجوية ارتباطاً وثيقاً بعلم الفيزياء، وله علاقة بالكيمياء، وبالعلوم الرياضية والإحصائية لما تقوم به القوانين الرياضية الأساسية من دور في تطوير مفاهيم علم الأرصاد الجوية. وإذا كان علم المناخ أحد فروع علم الأرصاد الجوية - بحسب رأي بعض العلماء لأنه لهما بداية واحدة اعتماداً على الوصف والمقارنة - فإن تقدم وسائل القياس وتطور المفاهيم النظرية الناظمة للحركات الجوية، أتاح لعلم الأرصاد الجوية أن يركز على الخصائص العامة للجو اعتماداً على ما تقدمه القياسات السطحية والعلوية لمختلف عناصر الطقس، وعلى القوانين الفيزيائية والرياضية التي تقود إلى تفسير آلية التغيرات الجوية، في حين أخذ علم المناخ - الذي يعد الآن أحد فروع الجغرافية الطبيعية - يركز على معالجة المعطيات الإحصائية الخاصة بعناصر المظهر الجوي، بغية تحديد درجة تردد الظواهر الجوية المختلفة، وما يتولد عنها في حالات جوية تضفي على المكان سمة مميزة.

وهذا يعني أيضاً أن لعلم الأرصاد الجوية علاقة بالجغرافية لما للعامل الجغرافي من دور في التغيرات الجوية التي تتم في جزء الغلاف الجوي القريب من سطح الأرض.

الخدمات التي يقدمها علم الأرصاد الجوية:
إن للأرصاد الجوية دوراً كبيراً في مختلف الأنشطة الاقتصادية ومجالات الحياة اليومية. وكانت الزراعة أول الميادين التي استفادت من خدمات الأرصاد الجوية، ولاسيما بعد تطور التنبؤات الجوية التي جنبت الزراعة الكثير من المخاطر. كما استفادت تربية الحيوانات في البوادي والسهوب من تطور علم الأرصاد الجوية، إذ جنبت المربين الكثير من الكوارث الناتجة من بعض العوارض الجوية.

ولما كان للأحوال الجوية دور مهم في تحديد مواقع الكثير من المنشآت الاقتصادية، مثل المصانع والمطارات والموانئ البحرية وخطوط نقل الطاقة والمواصلات وإقامة المنشآت المائية - كالسدود وغيرها - كان لا بد، عند إقامة أي منشأة من تلك المنشآت، من الاعتماد على معطيات الأرصاد الجوية بغية توفير الشروط الملائمة لتلك المنشأة وللتخفيف ما أمكن من آثارها السلبية على البيئة. وتهدف خدمات الأرصاد الجوية إلى تمكين الإنسان من استغلال الكثير من مصادر البيئة الطبيعية، وتوليد الطاقة الكهربائية من أحد عناصر الطقس (الرياح)، وتوفير القياسات الكافية لكمية الطاقة الشمسية الواصلة إلى بقاع الأرض، مما يُمَكّن من استغلال الطاقة في مجالات مختلفة.


يضاف إلى ما تقدم خدمات الأرصاد الجوية في مجالات النقل المختلفة. كما أسهمت الأرصاد الجوية في تجنيب الإنسان الكثير من الويلات، ولا سيما في المناطق التي تقع في طريق الأعاصير الجوية العنيفة، ولا يمكن أن ينسى دور الأرصاد الجوية في الأعمال الحربية.

تأثير الإنسان في الطقس:
لقد كان الجو، بتقلبات أحواله في الزمان والمكان،آخر ما استطاع الإنسان التأثير فيه من عناصر البيئة الطبيعية من دون أن يتمكن من تبديل أي مكون من مكوناته إلى الدرجة التي يترتب عليها تغير في ظواهر الطقس. ولكن منذ الربع الثاني من القرن العشرين، ومع فهم الإنسان الكامل لطبيعة القوانين الناظمة لحركات الجو، ومع إحاطته الشاملة بآلية الظواهر الجوية وطبيعتها، وبدخول التقنيات الحديثة عالم الأرصاد الجوية ازداد فهم الإنسان لما يجري في أجواء الأرض القريبة إلى السطح والبعيدة عنه نسبياً، وحاول توجيه بعض الظواهر الجوية لما فيه خيره، بالحد من أخطارها وتجنب آثارها، أو تعديلها بما يتلائم مع مصالحه.

ولقد استطاع الإنسان الحد من أخطار الصقيع بمكافحته بوسائل متعددة وساعدته في ذلك التنبؤات الجوية. كما حدَّ الإنسان من تأثير الرياح في المزروعات المختلفة بإقامته مصدات الرياح، وتمكن من خفض الفاقد المائي بالتبخر والنتح من التربة والنباتات والتقليل من كمية المياه المتبخرة من المسطحات المائية بنشر بعض المواد الكيمياوية فوق سطحها.

وقد جرت محاولات كثيرة لتبديد الضباب الكثيف الدافئ والبارد، وذلك بدفع هواء حار في منطقة الضباب الدافئ وإحداث دوامات فيها، أو بنثر نوى التجمد في الضباب البارد.

كما تمكن الإنسان من استدرار السحب، بتسريع نمو مكوناتها وهطولها ببذرها بنوى تكاثف مسترطبة (ملح بحري وغيره) في حال السحب الدافئة، أو ببذرها بنوى التجمد (كربون جاف، أيود فضة) في حال السحب الباردة. ولا شك في أن المحاولات والتجارب الكثيرة التي قام بها الإنسان في سبيل كبح جماح الأعاصير المدارية والحد من أخطارها، حققت نجاحاً ملموساً، وخففت من طاقتها ومن آثارها التدميرية.

ومع أن محاولات الإنسان جميعها لم تبدل جذرياً من الأوضاع الجوية الكبرى السائدة، إلا أنها في بعض المجالات المحددة أدت إلى إحداث تغير ملموس في الأحوال الجوية السائدة ومن ذلك مثلاً الاستخدام المكثف للبيوت البلاستيكية في المزارع وأجهزة التكييف في المنازل إضافة إلى تأثير الإنسان السلبي المتمثل في ازدياد نسبة الملوثات الكيمياوية وغيرها في أجواء بعض الأمكنة. ولاسيما في المدن الكبرى، والمناطق الصناعية، وازدياد حالات تشكل «الضبخان» «smog» (أي الضباب والدخان) واستمراريته فوق المدن الكبرى، مع ما يرافق ذلك من تأثيرات خطرة في صحة الإنسان.




ليست هناك تعليقات: